ذكرى ولادة أكابر المحدّثين وأعاظم العلماء والزهّاد والعبّاد السيد عبدالعظيم الحسني.. عبق عطر بيت النبوة ومنهل علومهم

img


هو من السادة الحسنيين، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى(ع) بأربع وسائط ويعد من كبار المحدثين، وقد عاصر ثلاثة من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في القرنين الثاني والثالث الهجري.
ولد أبو القاسم عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام رضوان الله عليه في اليوم الرابع من شهر ربيع الثاني عام 173 هـ، في عهد الإمام الكاظم عليه السلام وعاش في مدينة سامراء.
ويصادف اليوم، ذكرى سعيدة.. عرف هذا الرجل بورعه وتقواه والتزامه بسيرة ونهج الأئمة الأطهار عليهم السلام. وكان أحد ثقات الأئمة في ذلك العهد ينشر علم آل بيت النبوة، حيث كان يوضح المسائل الشرعية للناس ويقدم الشروح اللازمة للأمة فيما تخص أمور الدين.. نتعرف اليوم أكثر على هذه الشخصية وعلى سيرته.
أبو القاسم، عبدالعظيم بن عبدالله بن عليّ بن الحسن بن زيد بن الإمام الحسن بن الإمام عليّ بن أبي طالب عليهم السّلام، يُكنّى بأبي القاسم وأبي الفتح. وهو من السادة الحسنيين، ينتهي نسبه إلى الإمام الحسن المجتبى(ع) بأربع وسائط ويعد من كبار المحدثين، وقد عاصر ثلاثة من الأئمة المعصومين (عليهم السلام) في القرنين الثاني والثالث الهجري.
ولد عبد العظيم الحسني سنة 173هـ وقد اختلفت كلمة المترجمين له في محل ولادته.
من أكابر المحدّثين، وأعاظم العلماء والزهّاد والعبّاد، وذوي الورع والتقوى. صنّف كتاب خُطَب أميرالمؤمنين عليه السّلام، وكتاب اليوم واللّيلة.
ترجم له النجاشيّ، فنقل قول البرقيّ فيه: كان عبدالعظيم ورَدَ «الريَّ» هارباً من السلطان، وسكن سِرْباً في دار رجلٍ من الشيعة في سِكّة الموالي، فكان يعبد الله في ذلك السِّرب، يصوم نهارَه ويقوم ليلَه… فمرض ومات رحمة الله عليه، فلمّا جُرِّد ليُغسَّل وُجد في جيبه رقعة فيها ذِكْر نسبه، فإذا فيها: أنا أبو القاسم عبدالعظيم بن عبدالله بن عليّ… بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
كما قلنا أدرك ثلاثة أئمّة: الرضا والجواد والهادي عليهم السّلام وروى عنهم. هرب من ظلم السلطة العبّاسيّة إلى بلاد فارس، فدخل الريّ مستتراً وأقام بها في دار أحد الموالين بساربانان ولم يزل بها مدّةً طويلةً من دون أن يعرّف الناس بنفسه وسلالته الشريفة.
كان يصوم نهاره ويقضي ليله بالعبادة والتهجد ولم يعرفه سوى افراد قلائل من الشيعة ويعلمون بتواجده في ري ويزورونه بالخفاء وكانوا يجهدون في اخفاء خبره يكي لا تتعرض حياته للخطر. بعد فترة تعرف عليه الكثير من الاشخاص واصبح بيته مقصداً للشيعة يذهبون اليه يتزودون من منهل علومه ورواياته ويشمون منه عبق عطر بيت النبوة (ص) ويرون فيه خلفاً صالحاً‌ من ائمتهم ويحومون حوله كما تحوم الفراشة‌ حوله الشمعة.كان حضرة عبدالعظيم الحسني(ع) معززاً مكرماً عند شيعة ري يرجعون اليه في حل مسائلهم الشرعية ومشاكلهم الدينية مما يدل علی منزلته وجلالة مكانته وانه كان ممثلاً للامام الهادي(ع) في تلك المنطقة ولذلك اعتبر الناس كلامه كلام الامام واتخذوه محوراً يجتمع حوله الشيعة واتباع اهل البيت (ع) في القضايا الدينية والدنيوية .
قضى السيد عبدالعظيم الحسني(ع) الايام الاخيرة من عمره المبارك مريضاً سقيماً واصبح طور الايمان والاستقامة طريح فراش المرض واوشك اتباع اهل البيت(ع) علی الحرمان من وجوده المبارك فقد زادت المصائب المتتالية التي وواجهها الناس والشدائد التي عانی منها الشيعة في ظل الحكم العباسي من آلامه واحزانه.
وفي تلك الايام ارتسمت الحوادث المستقبلية لدی الشيعة من خلال رؤيا صادقة رأها احدهم من الصادقين، رأى رسول الله(ص) في عالم الرؤيا اذ قال له الرسول(ص): سيموت غداً أحد أبنائي في محلة سكة الموالي وسيحمله الشيعة علی الاكتاف الی بستان عبدالجبار وسيوارونه التراب عند شجرة‌ التفاح. فاتجه ذلك الرجل في السحر الی البستان المذكور ليشتريه من صاحبه حتى يحظى بشرف دفن احد احفاد رسول الله(ص) في ارضه ولكن عبدالجبار صاحب البستان الذي رآى بدوره مثل تلك الرؤيا وادرك السر الغيبي فيها وفي رؤيا ذلك الشيعي، اوقف مكان تلك الشجرة والبستان بأكمله، لكي يدفن كبار الشيعة واعيانهم فيه وليحظى بهذا الشرف. وعند ما اصبح الصباح فارقت روح عبدالعظيم الحسني(ع) الحياة‌ وذاع خبر وفاته بين الناس فلبسوا السواد حداداً عليه وتجمعوا علی داره يبكون وينتحبون وغسلوه وكفنوه وينقل بعض المؤرخين انهم عثروا عند غسله علی ورقة مكتوب فيها اسمه ونسبه. بعدها صلوا عليه ودفنوه عند شجرة التفاح التي اشار اليها رسول الله (ص) في الرؤيا واودعوه في تلك التربه ليستضيء محبو اهل البيت من نوره وليحظوا بمزاره. وكان ذلك في النصف من شوّال سنة 252 هجريّة، وأصبح ضريحه من المزارات الشريفة التي يَفِد إليها المسلمون.
من آثاره: كتاب خُطب أمير المؤمنين عليه السّلام، وكتاب اليوم والليلة.
المرقد المبارك:
كان من الأسباب الداعية لأن ينزل السيد عبد العظيم الحسني مدينة الري؛ زيارة قبر حمزة بن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام. وهذا المعنى موجود في زيارة السيد عبد العظيم بما لفظه: «يا زائر قبر خير رجل من ولد موسى بن جعفر» وعلى بعض الروايات كان السيد حمزة رضوان الله عليه قد سافر مع أخيه الإمام الرضا عليه السلام إلى خراسان وكان قائماً بخدمته في الطريق، ساعياً في مآربه، طالباً الرضا وممتثلاً لأوامره، فخرج عليه قوم من أتباع المأمون فقتلوه وقبره في بستان في مدينة ري.
وفي بعض الأحاديث: أن عبد العظيم كان يخرج عند إقامته بالري متستراً يزور قبراً يقول: إنه قبر رجل من ولد موسى بن جعفر.
قال المحدث القمي: ونجد هناك في عصرنا قبراً ينسب إلى حمزة ابن الإمام موسى، والظاهر أنه القبر الذي كان يزوره عبد العظيم، وينبغي زيارته أيضاً.
من تاريخ المزار:
يعتبر تاريخ تجديد مزاره في العهد السلجوقي على ما يقوله القاضي نور الله الشوشتري: أول من جُدد هو مسجد الملك أبي الفضل أسعد بن محمد بن موسى الرادستاني القمي، وزير السلطان السلجوقي بركيارق بن ملكشاه بن الب أرسلان، فقد كان هذا الوزير قد جدد عدة مزارات لأهل البيت.
وتوالت العناية من مختلف الزوار حتى العهد الصفوي، فقام الشاه طهماسب في سنة 944هـ بتوسعة البناء والتعمير.
ويوجد على القبر صندوق عتيق مؤرخ سنة 725هـ عليه آيات قرآنية ومنها هذا النص:
بسم الله الرحمن الرحيم أمر بترتيب هذه التربة الشريفة والروضة المنيفة، والمشهد المقدس والمرقد المنور للسيد الأعظم الأجل المعظّم جلال آل طه ويس، حبل الله في الأرضين، سراج الملة والدين، عبد العظيم بن عبد الله بن علي بن حسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، بإشارة المولى الصاحب الأعظم والمفتخر الحاج الحرمين، دستور العهد خواجة نجم الحق والدين محمد ابن المولى الصاحب الأعظم سلطان منصور الفومدي أعز الله أنصاره وطاب مثوى آياته العظام وأجداده الكرام، تحريراً في سنة خمس وعشرين وسبعمائة والخواجة المذكور كان وزير المغول في سنة 736ـ716هـ.
ويوجد باب عتيق كتب عليه ما نصه:
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين…تمت كذا) هذا الباب لمشهد الإمام المقدس سيد عبد العظيم(ع) سنة ثماني وأربعين وثماني مائة، وسنة 848هـ يعتبر في حكومة السلطان شاهرخ الذي حكم 807 ـ850هـ.
أما الضريح الفضي الذي يقوم فوق القبر، فقدمه الشاه القاجاري فتح علي كهدية للحرم، كما أهدى أيضاً في عام 1219هـ المرايا المنصوبة في أعلى الإيوان وجوانب الأروقة.
وأما التذهيب فقد تم سنة 1270هـ بأمر الملك ناصر الدين شاه، وظهر في بعض الحفريات حول المرقد كتابة كوفية يقرأ منها ما يأتي:
بسم الله الرحمن الرحيم أمر بناء هذه القبة المطهرة على ساكنها السلام صاحب… سيد الدين شمس الدين، مجد الملك، مشيد الدولة أبو الفضل أسعد بن محمد بن موسى، ثقة أمير المؤمنين أطال الله بقاءه.
وهذا السيد هو مجد الملك أسعد براوستاني القمي، ويعرف بالسيد شمس الدين مشيد الدولة أبو الفضل أسعد بن محمد بن موسى، ثقة أمير المؤمنين وكيل المظالم وكان من سادات قم، المدينة المعروفة بالتشيع في العصر السلجوقي، وله آثار كثيرة منها هذه، وقد أدرج في البناء اليوم كتابة مفادها: إن جهود المتخصصين أسفرت عن أن العمارة الأولى لهذه الروضة المطهرة، كانت في النصف الثاني من القرن الثالث بواسطة محمد بن زيد الداعي العلوي، والبوابة صنعت بأمر الملوك البويهيين، ثم باهتمام مجد الملك القمي وزير بركيارق فيما بين 480 – 490 هجرية.

الكاتب ya fatima

ya fatima

مواضيع متعلقة

اترك رداً