وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ)؟

img

الجواب: يمكن النظر الى هذه القضية من عدة زوايا :
الاولى: أن الأمر بالإسلام في عالم الذر يأتي في أطار الإسلام العام وهو دعوة جميع الخلق للإسلام آنذاك وهذه الآية تأتي في اطار امر النبي في اطار الاسلام الخاص أي الدين الذي نحن عليه الان بشهادته وأحكامه وفي عالم الدنيا .
الثانية: الاسلام بمعناه اللغوي معناه التسليم لله تعالى وعلى ضوء هذا المعنى يكون جميع اهل الديانات السابقة مسلمين وان من استجاب لله في عالم الذر مسلم باعتبار ان الاسلام هو تسليم امورهم لله تعالى، اما إسلام النبي هنا هو بالمعنى الشرعي لا اللغوي أي قول لا اله الا الله وما يرتبط به من أحكام . (او لأنه اول من أسلم وجهه لله من قريش ومن دان بدينهم) تفسير كنز الحقائق ص 289.
الثالثة: هنا قال (( وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ )) (الزمر:12) بمعنى بيان مخالفة ما عليه اهل مكة وقريش من ديانة فان لم اكن على دينهم بل من الناحية الواقعية انا مخالف لها وأول كافر به فيكون (صلى الله عليه واله) اول مسلم بالضرورة من هؤلاء القوم.
الرابعة: أنما قال (صلى الله عليه واله) (( وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ )) لبيان عظمة التسليم لله والانطباق على ارادته والعمل بمقتضى حكمه والايمان بلا أله الا الله لأهميتها واثرها ودورها الخطير على كل صعيد وفي كل مجال: (الامام الصادق (عليه السلام) : من قال لا اله الا الله مخلصاً دخل الجنة وإخلاصه ان يحجزه لا اله الا الله عما حرم الله .
قال رسول الله (صلى الله عليه واله) :ايها الناس ان من لقي الله عز وجل يشهد ان لا اله الا الله مخلصا لم يخلط معها غيرها دخل الجنة . (ميزان الحكمة محمد الريشهري 707:1)
الخامسة: ما ذكره صاحب كنز الحقائق في ان سبب امر الرسول (صلى الله عليه واله) بذلك هو ليكون مقدما في الدنيا والاخرة (( وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ )) ، وأمرت بذلك لأجل ان أكون مقدمهم في الدنيا والاخرة لأن قصب السبق في الدين الاخلاص . (تفسير كنز الحقائق ص289).
السادسة: وقال الشيخ محمد جواد مغنية في تفسير ذلك في تفسيره الكاشف 400:6 (( وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ )) دعا الرسول الاعظم (صلى الله عليه واله) الى الاسلام بعد ان سبق الناس اليه لأنه منسجم مع نفسه يفعل ما يقول ولا يقول ما لا يفعل .
السابعة: ان التكليف هنا لرسول الله (صلى الله عليه واله) فيه خصوصية على ما ذهب اليه صاحب الميزان رحمه الله تعالى (( وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ )) إشارة الى أن في الامر المتوجه اليه زيادة على ما توجه أليكم من التكليف وهو اني امرت بما أمرت وقد توجه الخطاب اليه قبلكم والغرض من ان اكون أول من أسلم لهذا الامر وآمن به .
الثامنة: للتأثير على الآخرين في آلية الدعوة الى الله تعالى لما تحمل هذه الكلمة من اهمية وطاقة دفع للآخر واستقطاب ميله : قوله تعالى: (( قُل إِنِّي أُمِرتُ أَن أَعبُدَ اللَّهَ مُخلِصًا لَهُ الدِّينَ * وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ )) (الزمر:11-12)، إن أمثال هذه الصيغ والاساليب المؤثرة يمكن أن نلمسها في كل مكان من كتاب الله العزيز، فهي تجمع الليونة والادب حتى إزاء الاعداء والخصوم، بحيث لو كانوا يملكون ادنى قابلية لقبول الحق فسيتأثرون بالأسلوب المذكور. (الامثل في تفسير كتاب الله المنزل 312:15).
التاسعة: بمعنى ما أمرتكم به فأنا أشد الناس التزاماً به (( وَأُمِرتُ لِأَن أَكُونَ أَوَّلَ المُسلِمِينَ )) لأشبه في أن المراد إني أول من تمسك بالعبادات التي أرسلت بها، وفي هذه الآية فائدتان :
الفائدة الاولى : فأنه يقول أني لست من الملوك الجبابرة الذين يأمرون الناس بأشياء وهم لا يفعلون ذلك، بل كل ما أمرتكم به فأنا أول الناس شروعاً فيه وأكثرهم مداومة عليه. ( تفسير الرازي 254:26).

الكاتب ya fatima

ya fatima

مواضيع متعلقة

اترك رداً