ما هي النظرة القرآنية لمفهوم العيد؟..

img


قال تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ}.. نلاحظ أن الحوارين، وهم ألصق الناس بعيسى (ع)، والذين كانوا يدَّعون الاستنان بسنة المسيح، ورغم المعاشرة، لا المعايشة -وهناك فرق بين المعايشة والمعاشرة، فرق الثرى عن الثريا- هؤلاء طلبوا من المسيح أن ينزل عليهم مائدة من السماء، وجعلوا فلسفة ذلك؛ الأكل منها، ولاطمئنان القلب!.. أضف إلى أن التعبير لم يكن مناسباً، حيث أنهم يخاطبون المسيح بكلمة (ربك)!.. ولم يقولوا: (ربنا)، طبعاً المسيح علَّق على هذا الحالة، وأمرهم بالتقوى، ولكن بعد ذلك امتثل لطلبهم، فطلب من الله تعالى، أن ينزل عليهم مائدة من السماء، هذه المائدة تكون عيداً لأولهم وآخرهم.
وهنا إشارة إلى نقطة جوهرية مهمة {تَكُونُ لَنَا عِيداً}: إن نزول المائدة حركة رسالية، فهي آية من الله تعالى، ومنَّة منه.. فرب العالمين ينزل من السماء الآيات، والصحف، وأما أن ينزل مائدة حسية!.. فهذا لم يكن متعارفا في حياة الأمم.. ولكن هذه المباركة الإلهية، هي عيد؛ لأن هذا الأمر يذكرهم بالله عز وجل.. وبالتالي، فقد ارتبط مفهوم العيد بمفهوم رسالي.. ولكن نحن -مع الأسف- حولنا العيد إلى يوم الزينة، إلى يوم الأكل، والشرب.. إلى درجة أن بعض الناس في اليوم الأول من العيد، يمارسون بعض المنكرات التي هجرها طوال الشهر الكريم.. فإذن، المفهوم القرآني الصحيح للعيد: أن في العيد تعود المفاهيم الراقية، أساساً أن كلمة العيد في اللغة، مأخوذة من العَود.. ففي كل سنة يعود ذلك اليوم، لا بساعاته، وأكله، وشربه، وإنما بالمعاني المختزنة في ذلك اليوم المبارك.. ثم أن الله تعالى يتوعد من يكفر منهم بالعذاب الشديد، وفي هذا تهديد فظيع، ومخيف.. فلنعتبر بهذه الحركة: الحواريون كانوا لصيقين بعيسى، ولكن بعد إتمام الحجة، ونزول المائدة الإلهية، فإن الذي يكفر بالنعمة الإلهية، سيعذبه عذاباً بليغاً.. وقياساً نقول: بأن الذين عاشوا اللحظات الروحانية الجميلة، في شهر رمضان المبارك، هؤلاء أنزلت عليهم المائدة، وهذه أجلّ وأشرف من مائدة الحواريين؛ حيث كانت مائدتهم الطعام.. بينما مائدة البعض كانت نفحات إلهية؛ فالذي شملته هذه النفحات، ثم عاود إلى ما كان عليه من المنكر، فليتوقع شيئاً من هذا العذاب.

الكاتب ya fatima

ya fatima

مواضيع متعلقة

اترك رداً