لِنَتَعَلَّمْ مِن السَيِّدَةِ فَاطِمَة الزَهرَاء عَليهَا السَلامُ

مرتضى علي الحلي
عدد المقالات : 2
إنَّ الصِدِّيِقَةَ السيِّدَةَ فَاطِمَةَ الَزهْرَاءَ ,عَليهَا السَلامُ, تَختَصِرُ فِي وَصيّتِهَا الأخيرَةِ أسبَابَ نَجَاحِ الحَيَاةِ الزَوجِيَّةِ بِثَلاَثِ كَلِمَاتٍ ,هُنَّ : – الصِدْقُ – الوَفَاءُ – الطّاعَةُ – .
وأميرُ المَؤمنين , الإمَامُ عَليٌّ , عَلَيه السَلامُ , يَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ ,.
(قَاَلَتْ يَا بن عَمّ أنَّه قَد نُعيَتْ إليَّ نَفسي , لأَرَى مَا بِي, لا أشكُّ إلاَّ أنَّنِي لاحِقَةٌ بأبي سَاعَةً بعد سَاعَةٍ ,
وأنَا أوصيكَ بأشيَاء فِي قَلبي ,قَالَ لَهَا عَليٌّ , عليه السَلامُ , : أوصيني بِمَا أحبَبتِ يَا بنتَ رَسولِ اللهِ
,فَجَلَسَ عِندَ رأسِها ,وأخرَجَ مَن كانَ فِي البيتِ , ثم قَاَلَتْ يَا بن عَم: مَا عَهَدّتَنِي كَاذِبَةً ولا خَائِنَةً
ولا خَالفتُكَ مُنذُ عَاشرتني,
فقالَ : عَليه السَلامُ : مَعَاذَ اللَّهِ ,أنتِ أعْلَمُ باللهِ وأبرُّ وأتقى وأكرمُ وأشدُّ خوفاً مِن اللهِ أنْ أوبّخَكِ غداً بمُخَالَفتي , فَقد عَزّ عَليَّ بِمُفَارَقَتِكِ وبِفَقْدِكِ إلاّ أنّه أمرٌ لابُدّ مِنه ,)
: رَوضَةُ الوَاعِظين, الفَتّالُ النيسَابُوري,ص152.
(مَا عَهَدّتَنِي كَاذِبَةً ولا خَائِنَةً ولا خَالفتُكَ مُنذُ عَاشرتني,)
بهذهِ الكَلِمَاتِ التّامَاتِ , والقيَميَّةِ تَضَعُ السيّدةُ فاطِمَةُ , عَليهَا السَلامُ ,لُبناتٍ بِنَائيّةً مَكينَةً فِي مُنتَظمِ الحَيَاةِ الزَوجيّةِ, وبين يَدي الزَوجَةِ المُؤمنَةِ والصَالِحَةِ , يَنبغي الأخذُ بِهَا مَنهَجَاً وتَطبيقَا.
فَالصِدْقُ والوفَاءُ والطَاعَةُ لِلزَوجِ فِي المُعَاشَرَةِ الزوجيّةِ , كُلُّهَا عَوامِلٌ تَدفَعُ إلَى نَجَاحِ وسَعَادَةِ الزوجين مَعَاً , وأسرتِهُمَا واقِعَاً .
إذ أنَّ أغلَبَ صِوَرِ الشِقَاقِ بين الزَوجينِ تَحدِثُ بسَببِ الكَذبِ والخيَانةِ والمُخَالَفَةِ والنِشُوزِ فِي المُعاشَرَةِ .
هَذا والإمَامُ عَليٌّ , عَلَيه السَلامُ ,يَشْهَدُ بِذَلِكَ , و يَضَعُ هو الآخرُ لُبنَاتِه العُليّا فِي أوصَافِ الزَوجَةِ الصَالِحَةِ وبنَائِهَا القيِّمِ , حَيثُ يَقولُ لِزَوجَتِه فَاطِمَة, عَليهَا السَلامُ :
( مَعَاذَ اللَّهِ ,أنتِ أعْلَمُ باللهِ وأبرُّ وأتقى وأكرمُ وأشدُّ خوفاً مِن اللهِ أنْ أوبّخَكِ غداً بمُخَالَفتي).
ويَحْكِي سُلُوكَ الزّوجَِين الصَالِحَين مَعَاً , فيقولُ:
(فَو اللهِ مَا أغضَبتُهَا ، ولا أكرَهتُهَا عَلى أمرٍ حتى قَبَضَهَا اللهُ ,عَزّ وجَلّ ،
ولا أغضَبَتني ، ولا عَصَتْ لِيّ أمراً ، ولَقَد كُنتُ أنظرُ إليها فتَنكَشِفُ عني الهُمُومُ والأحزَانُ )
: بِحَارُ الأنوارِ , المَجلسي ,ج43,ص134.
.. العِلمُ باللهِ تعالى , ومعرفته عن يقينٍ , وسلُوكُ البّرِ , والتقوى , والكَرَمُ في النفسِ والفِعْلِ والمُعَاشَرةِ,
وشدّةُ الخوفِ من اللهِ سبحانه ,.
هذه كُلَها أسسٌ صالِحَةٌ تتكّفلُ للزوجةِ المؤمنةِ بالفوزِ والنَجَاحِ فِي الدُنيَا والآخرةِ , في علاقتِهَا مَع زوجِهَا ,أو مَعَ أولادِهَا ,أو معَ مجتمعِهَا ,أو مَعَ اللهِ تَعَالى,.
وبينَ هَذا وذاكَ , إنَّنَا لو وَقَفنَا عَلَى مَا أوصتْ به السَيّدةُ فاطمةُ , عَليهَا السلامُ,
ومَا حَكَاه الإمَامُ عَليٌّ , عَليه السَلامُ, ونَهَلنَا مِن مَعينَهُمَا, تَنظيراً وتأسيساً وتطبيقاً وتًبليغا وتَعلّمَاً
لَهَدانَا اللهُ لِلتي هِي أحسَن وأقوَم .
اترك رداً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.