ليتك كنت حيضة في خرقة
هذه كلمة قالتها أم معاوية بن يزيد لما خلع نفسه عن الخلافة؟ فمن هي؟ وماذا كان جوابه له؟
قال اليعقوبيّ : وأُمُّه أُمّ هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة ( 2 ) . فهي حفيدة ( عتبة بن ربيعة ) أحد المُفسدين في الأرض وأحد الفُجَّار ، ( أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ ) ( 3 ) ؟! ـ كما جاء عن ابن عبّاس ، حيث قال : نزلت هذه الآية في ثلاثةٍ مِن المسلمين .. فهُمُ المُتَّقون الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ ، وثلاثةٍ مِن المُشركين .. فهمُ المُفسدون في الأرض . فأمَّا الثلاثةُ مِن المسلمين : فعليُّ بن أبي طالب ، وحمزة ، وعبيدة . وأمَّا الثلاثة مِن المُشركين : فعتبةُ بن ربيعة ، وشيبة ، والوليد بن عتبة . وهمُ الذين تبارزوا يوم ( بدر ) .. فقتل عليٌّ الوليد ، وقتل حمزةُ عتبة ، وقتل عبيدةُ شيبة ( 4 ) .
فأُمُّ هاشم هذه والتي هي أُمُّ معاوية الثاني .. هي سليلة المُفسدين الفُجَّار ، ووريثه أحقادهم ، وهي الحريصة كلَّ الحرص على أنْ تبقى
الزعامة في بني أُميَّة لا تخرج عن أيديهم ، لا سِيَّما وقد تُوِّج بها زوجها يزيد ، ثمَّ ورَّثها إلى ولدها معاوية .
فكانت خُطبة معاوية الثاني صاعقةً نزلتْ على قلبها ، فتحطَّم كيانها وخابت آمالها ، وضاع منها أمرٌ خامر أحلامها دهراً . فماذا كان ردُّ فعلها بعد أنْ نزل معاوية ابنها مِن منبره ؟!
- يذكر البلاذريّ : أنَّ أُمَّ معاوية الثاني ـ وهي أُمُّ هاشم سليلة آل أبي سفيان ـ قالت له بعد خُطبته تلك :
لَوددتُ ـ يا بُنيَّ ـ أنَّك كنتَ نَسياً منسيَّاً ، وأنَّك لم تَضعف هذا الضَّعْف !
فقال لها : وددتُ ـ واللهِ ـ أنَّي كنتُ نسياً منسيَّاً ، ولم أسمع بذِكْر جهنَّم ! ( 1 ) . - يذكر الدميريّ أنَّ معاوية لمَّا نزل دخل عليه أقاربُه وأُمُّه ، فوجدوه يبكي ، فقالت له أُمُّه : ليتَك كنتَ حِيضةً ولم أسمع بخبرك . فقال : وددتُ ـ واللهِ ـ ذلك . ثمَّ قال : ويلي إنْ لم يرحمْني ربِّي ! ( 2 ) .
أو يُروى أنَّ أُمَّه قالت له : ليتَك كنت حَيضةً في خِرقة ، فقال : وأنا وددتُ ذلك يا أُمَّاه ، أما علمتِ أنَّ للهِ ناراً يُعذِّب بها مَن عصاه
وأخذ غيرَ حقّه !
ورُوي أنَّها كانت قد قالت له : ليتك كنت حيضةً ولم أسمع ما قلتَه على المنبر . أو قالت : ليتك كنتَ حَيضة فلم تُخلَق ولم أكن أرى يومك . فأجابها : وددت ذلك ـ والله ـ ولم أكن أتقلَّد هذا الأمر .. أأتحمَّل وزر الخلافة ويفوز بحلاوتها بنو أُميَّة ؟! ذلك لن يكون !
اترك رداً