لماذا الزهراء {ونساءنا} وليس بناتنا
الشيخ محمد صنقور يجيب
السؤال الذي قد يطرح نفسه ، في آيه المباهلة لماذا ذُكرت كلمة نسائنا ولم تُذكر كلمة بناتنا،علما أن الزهراء عليها السلام هي بنت النبي (ص) و هي المقصودة في الآية الشريفة؟
الشيخ محمد صنقور
في الواقع، إنَّ معنى قوله تعالى: ﴿فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾(آل عمران/61).
إنَّ معنى الآية المباركة هو أنَّ نصارى نجران ونظرًا لعدم قبولهم بالبراهين التي قدَّمها رسولُ الله (ص) لهم على فساد دعواهم أنَّ عيسى المسيح ابن الله تعالى، نظرًا لذلك أمره الله تعالى أنْ يدعوهم للمباهلة، فمن وقعت عليه اللعنة والعذاب الفوري فهو الكاذب والمبطل وأمره الله تعالى بأن يدعوهم للحضور للمباهلة بأنفسهم وبخاصَّتهم من الأولاد والنساء وأن يحضر هو بنفسه وخاصته من النساء والأولاد، وذلك لأنَّ الإنسان لا يعرِّض نفسه وخاصته للهلاك، فالحضور للمباهلة بالنفس وبأخصِّ أهله من النساء والأولاد تعبير عن الاطمئنان بصوابيَّة ما هو عليه من معتقد وبأنَّه وخاصته لن يُصابوا بمكروه.
فالآية لم تكن بصدد تحديد الهويّة الشخصيّة لمن يلزمه الحضور للمباهلة وإنَّما هي بصدد بيان أنَّ المباهلةإنَّما تكون بالنفس وبأخصِّ الأهل. والنبي (ص) في مقام تطبيق الآية وامتثالها اختار عليًّا (ع) ليكون مصداقًا للنفس واختار فاطمة (ع) لتكون مصداقًا لخاصته من النساء، واختار الحسنين (ع) ليكونا مصداقًا لأبنائه. وذلك ثابت بالتواتر عن الفريقين.
وأما أنَّ فاطمة (ع) بنتٌ للنبيّ (ص) فذلك لا يقتضي أنَّ عنوان النساء غير صادق عليها، فهي بنت وهي من النساء، وأمَّا لماذا لم يقل بناتنا فلأنَّ عنوان البنات داخل تحت عنوان الأبناء فلفظ الأبناء يصدق على الذكور والإناث من الأولاد، فلو قال بناتنا ولم يقل نساءنا لتُوهِّم أنَّ الدعوى للحضور للمباهلة ليس بتمام خاصة كلٍّ من الطرفين والحال أنَّ الآية كانت بصدد التعبير عن أنَّ النبي (ص) كان مطمئنًا بصوابيَّة دعوته لذلك فهو مستعد للمباهلة بتمام خاصَّته.
ولذلك ثبت من الروايات أنَّه قال عند الحضور للمباهلة مع علي وفاطمة والحسن والحسين (ع): “اللهمَّ هؤلاء أهل بيتي”، وذلك يعبِّر أنَّهم خاصَّته من دون غيرهم.
و يمكن هنا أن نضيف أيضا شيئا آخر و هو أن السبب في ذلك أن الزهراء عليها السلام بما أنها سيدة نساء العالمين ، جاءت هذه الكلمة للتذكير بهذه المسألة و التأكيد على أن المباهلة ستتم ليس فقط بنسائنا و إنما مع أفضل و خير نساء الدنيا و الآخرة مما يزيد من مصداقية و صوابية رسول رب العالمين أكثر و الله أعلم.
المصدر:مركز الهدى للدراسات الإسلامية – بتصرف
اترك رداً