في ذكرى وفاته عبد المطلب .. كافل النبوة

img

لقد خصَ الله هذا الرجل العظيم بشرف كفالة سيد خلقه محمد (ص)، وتولّي رعايته والعناية به فكان نعم الكفيل، يوليه أفضل ما يولي الأب ابنه والجد حفيده ويشمله بأوفر عطفه وحنانه فعاش رسول الله (ص) في كنفه، عيشة هوّنت عليه ألم أليتم بعد أن وجد في جدّه العظيم عبد المطلب عطف الأب وحنان الأم والملاذ الدافئ والأمين الحريص عليه خاصةً بعد أن توسّم عبد المطلب في محيا حفيده (ص) علامات النبوة ودلائل الرسالة مما كان يعلمه من أن النبي الذي يظهر في آخر الزمان هو من صلبه ورغم أن عبد المطلب لم يدرك البعثة الشريفة إلا أنه كان من الموحّدين المؤمنين فقد جاء في تفسير قوله تعالى: (وتقلّبك في الساجدين) إن آباء النبي الكريم (ص) كلهم موحِّدون وليس فيهم مشرك بالله تعالى وهذه من خصائص نبينا الكريم وكراماته.
يحدثنا المسعودي في ترجمة عبد المطلب فيقول: (وكان عبد المطلب، مقرّاً بالتوحيد مثبتاً للوعيد تاركاً للتقليد إلى أن يقول: وكان أول من أقام الرفادة والسقاية وهو أول من جعل باب الكعبة ذهباً خالصاً مطعماً بالأحجار الكريمة).
وعن أمير المؤمنين (ع) إنه قال: (والله ما عبد أبي أبو طالب ولا جدي عبد المطلب ولا هاشم بن عبد مناف وثناً ولا صنماً قط, وإنما كانوا يصلّون إلى الكعبة على دين الخليل إبراهيم)
وهناك موقف شهد التاريخ به لعبد المطلب بالشجاعة فحينما سمعت قريش بقدوم إبرهة بجيش جرار لهدم الكعبة خرجوا من مكة مرغمين خائفين تاركين وراءهم رئيسهم وسيدهم عبد المطلب وظلوا يرقبون الأخبار ويتطلعون عن كثب إلى ما سيصنعه الله بالأحباش حتى انتقم الله من إبرهة فكتب بذلك عبد المطلب إلى قريش فعادوا مستبشرين إلى مكة بعد أن استجاب الله لدعاء عبد المطلب وأرسل الطير الأبابيل كما وردت هذه القصة في القرآن الكريم في سورة الفيل.
وكان عبد المطلب قد عثر على بئر زمزم ونقّاها من الأدران وجعلها صالحة للاستعمال, ومن عظيم قدره عند الله تعالى: (ما رُوي عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله (ص) إنه قال: (لما عُرج بي إلى السماء ليلة الإسراء فانتهى بي إلى العرش, فرأيت على ساق العرش أربعة أنوار فقلت إلهي ومولاي وسيدي ما هذه الأنوار فقال عز وجل:
يا محمد يا حبيبي هذا نور جدك عبد المطلب وذاك نور عمك أبي طالب وهذا نور أبيك عبد الله وذاك نور أمك آمنة بنت وهب فقلت: إلهي وبماذا قد استحق هؤلاء منك هذه الكرامة قال تعالى: (لإيمانهم بي واعتمادهم عليّ).
فعبد المطلب كان يحمي نور النبوة في صلبه وهو النبي المصطفى (ص) حبيب إله ألعالمين وأقدس إنسان عرفه الوجود ولم يفارق عبد المطلب الدنيا حتى هيأ لرسول الله كفيلاً وأميناً مخلصاً وحصناً وملاذاً له وهو ابنه أبا طالب وقد أكثر من الوصية فيه, ومما جاء في إحدى وصاياه لابنه، أبي طالب: يا ولدي إني مفارقكم عما قريب فأذهب إلى جوار ربي وغفرانه وهذا محمد وديعتي، بل وديعة الله عندك يا أبا طالب، بحرمة أبوتي عليك احفظ وصيتي في محمد أكفله أنت بنفسك ولازم رعايته بشخصك، فقال أبو طالب: والله يا والدي هو عندي أعز من نفسي وولدي ولا نعمنك عيناً إن شاء الله، وهكذا انتقل عبد المطلب إلى جوار ربه وهو مطمئن ألبال بعد أن ترك حفيده (ص) بيد أمينة.
محمد طاهر الصفار
الموقع الرسمي للعتبة الحسينية المقدسة
…………………………………………………………
1 ــ مروج الذهب ج 1 ص 390

الكاتب ya fatima

ya fatima

مواضيع متعلقة

اترك رداً