فاطمة أم أبيها:
ما هو المقصود من ام ابيها ؟ وكيف تكون فاطمة الزهراء ام الرسول الكريم ؟ بحث مفصل حول هذا الموضوع
الكلام في الصيدّيقة الكبرى فاطمة بنت محمد ( صلى الله عليه واله )
بمناسبة استشهاد ثمرة النبوة و شجرة الامامة وريحانة رسول الله صلى الله عليه وعليها دعون أيها الاخوة الاعزاء ان نتكلم عن هذه السيدة العظيمة وكيف يتكلم مثلي عن مثلها صلوات الله عليها
ورد انها سلام الله عليها نُعتت بأم ابيها فما هو المراد من ذلك ؟
في معنى كنيتها « أُمّ أبيها »
إعلم ; أنّ من الكنى الخاصة المأثورة لآية الله العظمى ، والعصمة الكبرى
فاطمة الزهراء صلوات الله عليها : « أُمّ أبيها » .
ففي مقاتل الطالبين عن الصادق ( عليه السلام ) أنّه قال : « إنّ فاطمة تكنّى بأُمّ أبيها » ( 1 ) .
وفي كشف الغمة « إنّ النبي كان يحبّها ويكنّيها بأُمّ أبيها » ( 2 ) .
وفي هذا اللفظ أمران : أحدهما : حبّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لفاطمة ( عليها السلام ) ، والآخر
تسميتها بأُمّ أبيها حبّاً لها . وصاحب الطبع اللطيف والذوق المنيف إذا أمعن النظر في
العبارة علم أنّ إطلاق هذه الكنية على المخدّرة الكبرى بعد قوله « يحبّها » فيه دلالة
واضحة على شدّة الحبّ وكثرة الودّ .
وقد اختلف العلماء في معنى هذه الكنية العظيمة ، وذهبوا فيها إلى مذهب
تشعّبت فيها آراء الفضلاء الصائبة ، وتفرّقت أنظار العلماء المستطابة ، وكنت مطالباً
منذ أمد بالحديث عنها وتوثيق ورودها في الأخبار المسندة لذا قدمت ذكر السند
كما ذكره المجلسي ( رحمه الله ) وزيادة ، وها أنا ذا مجدّ مجتهد في بيان معناها وتوضيحها
للأفهام ورفع ما حصل من الإبهام في فهمها مستمدّاً المدد الوافي من البواطن
الشريفة لتلك العصمة الكبرى فأقول :
أوّلاً : كيف تكون فاطمة أُمّ أبيها ؟
ومن الواضح أنّ المراد من هذا اللفظ هو الاستعمال المجازي وليس المعنى
الحقيقي ، وعليه كيف نجد المعنى المجازي المناسب دون التورّط بمعارض ؟
ثانياً : « أمّ » لغة بمعنى القصد ( 1 ) ، كما في « اللهمّ » ، قال تعالى : ( ولا آمّين البيت
الحرام ) ( 2 ) ويقال « أمّ فلان فلاناً » أي قصده ، وبالفارسية « أم » بضمّ الهمزة أصل
كُلّ شئ وجمعه اُمات وأصل « أم » « أمهة » وجمعه « أمهات » ، وتستعمل غالباً
« أمّهات » للإنسان و « أمّات » للبهائم ( 3 ) ، وتصغيرها : « أميمة » وهو اسم امرأة ( 4 ) ،
وقد تضاف التاء إلى « الأب » أو « أم » بدلاً عن الياء ، فيقال « يا أبت افعل ويا أمت
لا تفعلي » . وقولهم « لا أمّ لك » ذمّ ودعاء ( 5 ) ، وإمام مشتقة من نفس المادة ، وهو مَن
قصده الخلق وتقدّمهم ; وفي التفسير ( وكلّ شئ أحصيناه في إمام مبين ) ( 1 ) قال :
هو الكتاب ( 2 ) وفي قوله ( وإنّهما لَبإمام مبين ) ( 3 ) قال : هو الطريق ( 4 ) . والأمام
بالفتح هو القدّام .
والغالب استعمالها بمعنى « الأصل » يقال : « أمّ الجيش » وهي كما قال الفخر
الرازي : الراية العظمى في قلب الجيش وهي ملاذ الجيش وملجأ العسكر ( 5 ) .
قال قيس بن الحطيم :
عصبنا أمّنا حتّى ابذعرّوا * وصار القوم بعد ألفتهم شلالاً ( 6 )
و « أمّ الكتاب » مرّ معناه ، و « أمّ الطريق » : الطريق الأعظم ، و « أمّ الدماغ » –
كما في مجمع البيان ( 7 ) – المقدّم من كلّ شئ ، والجامع منه يقال له « أمّ الرأس » ،
وقيل « أمّ الدماغ » لأنّه مجمع الحواس والمشاعر ، ويقال للأرض « أمّ » لأنّها أصل
الإنسان منها خرج وإليها يعود ، قال تعالى جلّ شأنه : ( ألم نجعل الأرض كفاتاً *
أحياء وأمواتاً ) ( 8 ) . وقال أميّة بن الصلت :
فالأرض معقلنا وكانت أمّنا * فيها مقابرنا وفيها نولد ( 9 )
وكذا « أمّ القرى » لانتشار القرى والمدن منها ( 1 ) ، ويقال لرئيس القوم « أمّ
القوم » ، ويقال للماهية « أُمّ الوجود » لأنّها مظهر الوجود ، ويقال للعناصر الأربعة
« الأمّهات » لتوليد المواليد الثلاثة ، وقال الإمام المعصوم للخمر « أُمّ الخبائث » ( 2 )
لأنّها سبب لكلّ الذنوب الأخرى ، ونظائره كثير .
وكذا يقال للمجرّة « أمّ النجوم » ولإمام الجماعة « أمّ القوم » ( 3 ) .
ثالثاً : تبيّن ممّا مرّ أنّ « الأَمّ » بمعنى « القصد » .
ورأيت في كتاب – لا يحضرني الآن – أنّ الأمّ تعني أيضاً الثمرة ، لأنّها القصد
والمقصود من الشجرة .
الوجوه المذكورة في معنى « أُمّ أبيها »
وبناءً على ما مرّ تلوح لنا عدّة وجوه في معنى « أُمّ أبيها » :
الوجه الأوّل
إنّ فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ثمرة شجرة النبوّة وحاصل عمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصدف
درر العصمة ولئاليها ، وقد استقرّت بها السماوات العلويّة والأرضون السفليّة .
وبعبارة أخرى : إنّ الولد هو المقصود للأب والأُم ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام )
خاصّة هي المقصود الأصليّ والأصل الكلّيّ من بين بنات النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فمعنى « أُمّ
أبيها » أنّ فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أصل النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهي الولد الذي كان يقصده ويريده
النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ويريد نتائجها الكريمة وفوائدها العظيمة المترتّبة عليها من جهة البنوّة ،
ومن فضائلها النفسانيّة المطلوبة للنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) .
وعليه يكون معنى « أمّ » أي القصد والأصل والمقصود والمراد . وهذا المعنى
ينسجم مع مذهب اللغويين ، بل والمحدّثين أيضاً .
وإذا أردنا تطبيق الكنية على الاستعمالات التي ذكرناها آنفاً لكلمة الأمّ ،
نراها صحيحة منسجمة بأجمعها .
فيصحّ أن نسمّي فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) : أمّ النجوم بلحاظ أبنائها .
ويصحّ أن نسمّيها « أمّ القرى » بلحاظ الأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) .
ويصح أن نسمّيها « أمّ الرأس » بلحاظ التقدّم وتناسل ذريّتها الطيّبة .
وأمّ الجيش لأنّها ملجأ النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمّته ، وانكسارها يعني الانكسار
الفاحش للإسلام والمسلمين .
وقد قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « فاطمة روحي ومُهجة قلبي ، وفاطمة منّي وأنا من
فاطمة » ، فهي أصل وجود النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وحقيقته ، ومجمع الأنوار ومنبع الأسرار
للرسالة ، وكأنّ النبي فاطمة وفاطمة هي النبي ، واتّحاد نورهما ظاهر وبديهيّ .
وعلى أيّ حال ، فإنّ ما ذكر كان جملة من الشواهد على إثبات مرادي ، لتعلم
أنّ فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كانت مقصود النبي وثمرة فؤاده ورايته العظمى وظلّ الرحمة
الوارفة وأصل وجود صاحب المقام المحمود ، وقد مدحها الله وذرّيّتها .
الوجه الثاني
أتذكّر إنّي حضرت يوماً بين جماعة من الفقهاء والمجتهدين ، وكان المرحوم
الفقيه الفريد والمجتهد الوحيد الحاج ملاّ ميرزا محمّد الأندرماني ( رحمه الله ) حاضراً ،
فسألني عن معنى هذه الكنية الشريفة وطلب منّي جواباً يصحّ عليه السكوت ،
فانبرى له المرحوم المغفور فحلّ المحقّقين الحاج الآغا محمّد نجل المرحوم ساكن
الرضوان الآغا محمود الكرمانشاهاني عليهما المغفرة والرضوان وأجابه ببيان
ظريف ، فاستحسنه السائل وأذعن لجوابه المليح ، واستفدت منه استفادة جمّة
وسوف لن أنسى حظّي الوافر الذي نلته في ذلك المحضر الشّريف .
قال : إنّ من الشّائع على الألسن أن يخاطب الأب ابنه في مقام النصيحة بلغة
الرأفة والترحّم فيقول له : أبي العزيز . . بابا . . أبتا ، ويخاطب ابنته فيقول لها : أُمّي
العزيزة . . أمّاه . . ماما ، وهذا النمط من الاستعمال شائع بين العرب والعجم من قبيل . .
أخي . . أخي . . يا أخاه . . ونظائرها ، وهذا النوع من العبارات والإستعمالات تعبّر
عن فرط المودّة والمحبّة والشفقة والمبالغة في التعبير عن ذلك في مقام التخاطب بين
الأب وأبنائه .
فيكون الاستعمال في « أُمّ أبيها » إستعمالاً مجازيّاً لا حقيقيّاً ، وهو عبارة عن
أسلوب للتعبير المتداول بين الآباء والأبناء للإعراب عن المحبّة والعطف ، وبذلك
أراد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أن يخاطب ابنته العزيزة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كأنّه قال « يا
أمّي » ليحكي عن شدّة حبّه لابنته ، ويشهد له قوله في الحديث « يحبّها ويكنّيها بأُمّ
أبيها » .
والحق : إنّه جواب يستقرّ في القلب ومعنى مليح صحيح .
الوجه الثالث
لمّا توفّيت الوالدة الماجدة لرسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان النبي صغيراً ، فكفلته فاطمة
بنت أسد ( عليها السلام ) أُمّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وخدمته – بإخلاص – غاية الخدمة ، وكانت
تتعبّد الله في ذلك ، حتّى أنّها كانت تقدّمه على أبنائها : أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وطالب
وعقيل وجعفر ، وقد شهد بذلك التاريخ والأثر الصحيح ، وكان النبي يخاطبها
« أُمّي » ، ولمّا توفّيت قال النبي لعليّ ( عليه السلام ) : « إنّها كانت أمّي » ( 1 ) ، فكان النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
يناديها وينادي فاطمة الزهراء – وهي سمّيّت أمّ خديجة الطاهرة ( 2 ) – حبّاً لهما
ب « أُمّي » وبذلك كان يتذكّر خديجة المطهّرة وفاطمة المكرّمة التي رعته في طفولته .
وكلا الإستعمالين من باب التجوّز لا الحقيقة ، غير أنّه كان يخاطب فاطمة
بنت أسد « أُمّي » ، ويخاطب فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ب « أُمّ أبيها » ، وفي الخطاب الأخير
إحترام وتعظيم وتكريم إضافة إلى إبراز المحبّة والوداد .
الوجه الرابع
لمّا توفّيت آمنة بنت وهب ( عليها السلام ) – أُمّ النبيّ – ودفنت في الأبواء قُرب المدينة
على طريق الفرع – على المشهور – كان عمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يومها ثمان سنوات أو أقلّ ،
فكفلته وحضنته فاطمة بنت أسد ( عليها السلام ) ، إلاّ أنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) شهد علاقة خاصة ومحبّة
مخصوصة من الصدّيقة الكبرى ( عليها السلام ) منذ ولادتها وحتّى وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، سواء كان في
مكّة أو في المدينة ، علاقة كانت تفوق علاقة البنوّة والأبوّة ، بل كانت علاقة
استثنائيّة ، ولأن أيّ محبّة لا تبلغ محبّة الأُم ، فكأنّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يقول لفاطمة : أُمّي لم
تمت . . أنت أمّي .
بمعنى أنّ للنبيّ ثلاث أُمّهات : الأُم الأصليّة ، والأُم التشريفيّة وأُمّ المحبّة ( 1 ) .
وبديهي أنّ محبّة الأُمّهات تختلف باختلاف مراتب أُنسهنّ بأبنائهنّ ، وآمنة
بنت وهب (عليها السلام ) قضت ثمان سنوات – أو أقل – في خدمة النبيّ في فترة لم تعش فيها
مضايقات قريش للمولى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بينما وفّقت الصدّيقة الطاهرة لملازمة النبيّ
والتشرّف بخدمته وسعادة مرافقته لمدة ثمان سنوات في مكّة المكرمة وعشر
سنوات في المدينة الطيّبة ، وشاهدت مضايقات أعداء الدين لخاتم المرسلين ،
وعاشت معه بصدق وإخلاص كلّ المصاعب والمصائب ، ورافقته في ازدحام البلايا
واقتحام الشدائد ، وتجلببت بالصبر والشكيمة والتحمّل صلوات الله عليها وعلى
أبيها وبعلها وبنيها .
الوجه الخامس
تظافر الشيعة والسنّة على تخريج هذا الحديث في كتبهم . قال النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« كلّ بني أُنثى فإنّ عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة فإنّي أنا عصبتهم وأنا
أبوهم » ( 2 ) « وأنا وليّهم » ( 3 ) فهو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عصبتهم وأصلهم وأبوهم ، تنتهي إليه هذه
الفروع النابتة والغصون النامية ، فصار جدّ بني فاطمة لأُمّهم أباهم ، وصارت
فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أباً وأُمّاً لأبنائها وللسادات والذرّيّة الطيّبة النازلة منها ( عليها السلام ) .
وهذا المعنى لطيف ومناسب للمعنى السابق ، ونظائر هذا الاستعمال موجودة
بكثرة كما روي « كلّ بني آدم من التراب ، وعليّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أبو التراب » .
ولمّا صار النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) – بهذا المعنى – أباً ، وهو جدّهم لأُمّهم ، صارت فاطمة
الزهراء ( عليها السلام ) أُمّ أبيها .
وأراد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بهذا القول أن يُظهر شرف فاطمة ويعطي شرفاً آخر
لأبنائها من حيث نسبتهم إليه ، وبعبارة أُخرى أراد أن يقول تشريفاً إنّي لست أبتر
من الأب والولد ، فأُمّي فاطمة وأبنائي أبناؤها .
وبناءً على ذلك وبمفاد قوله ( أبناءنا وأبناءكم ) ( 1 ) يقول ولد ابنتي ولدي ،
وأصلهم متّصل بأصل العصمة والطهارة وشجرة النبوّة والرّسالة المباركة ، وشرف
البنوّة للنبوّة شرف خاص ، والأئمّة المعصومين ( عليهم السلام ) – وإن كانوا أبناء
أمير المؤمنين ( عليه السلام ) من فاطمة – إلاّ أنّهم كانوا يفتخرون ببنوّتهم للنّبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وهو
شرف فوق شرف وفضيلة فوق فضيلة .
وهذا المعنى لا يخلو من التكلّف والتعقيد .
الوجه السادس
لمّا نزل قوله تعالى ( النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أُمّهاتهم ) ( 2 )
في المدينة ، وتكنّت كلّ واحدة من أزواج سيّد الكائنات ب « أُمّ المؤمنين » وافتخرن
بأنّهنّ صرن أُمّهات المؤمنين والمؤمنات ، فسألت فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) لنفسها
تشريفاً ومزيّة عليهنّ ، فضمّها النبي المختار إلى صدره كما يضمّ روحه العزيزة
الحلوة ، وقبّلها وشمّها وكنّاها ب « أُمّ أبيها » يعني إن كنّ نسائي أُمّهات أُمّتي ، فأنت
أعلى قدراً وأجلّ رتبة لأنّك « أُمّي » .
ويؤيّد ذلك قوله تعالى في تحريم نكاح زوجات النبي المطهّر ( ولا أن
تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ) ( 1 ) حيث أنّ الواضح من هذه الآية الكريمة أنّ أمومة
زوجات النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الطاهرات للمسلمين أمومة من جهة التشريف والتعظيم ،
وليست أمومةً حقيقة . وذهب العامة إلى أنّ نساء النبي أُمّهات رجال المسلمين
دون نسائهم . روي أنّ امرأة من نساء المسلمين دعت عائشة قائلة « أُمّي » فقالت
عائشة : إنّي أمّ رجالكم دون النساء ، لأنّ الحرمة وردت بخصوص الزوجات ولا
تتعدّى إلى بناتهنّ ، بل يمكن خطبتهنّ والزواج بهنّ ، وكيف يمكن الزواج ببنت الأُم
– إذا كانت أمّاً حقيقة – ؟
والخلاصة : كان النبيّ الخاتم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يدعو فاطمة ( عليها السلام ) ب « أُمّ أبيها » ، ومن جهة
أخرى كان ينفى أبوّته لأحد ( ما كان محمّدٌ أبا أحدٌ من رجالكم ) ( 2 ) ويسمّي
الحسنين ( عليهما السلام ) ولده كما في الآية المباهلة ( 3 ) من جهة أخرى ، لئلاّ يدّعي أحد غيرهم
هذه النسبة وهذا الشرف ، ويسمّي أمير المؤمنين – في نفس هذه الآية – نفسه
النفيسة ليثبت له الأولويّة على النفوس الثابتة له بجميع مراتبها التي كانت له ، فهو
أولى بالمؤمنين من أنفسهم كما أنّ النبي كان كذلك إلاّ ما خرج بالدليل .
وهذه الآيات الشريفة تدلّ على غاية الإتّحاد والوحدة بينهم ولا تبقى لأحد
مقاماً وفضلاً ممّا ثبت في حقّ هؤلاء الأبرار الكرام والسادات العظام .
وبهذا الوجه الوجيه المذكور للعالم الثقة النابه نقطع الكلام ، حيث تبيّن شأن
النزول وعلّة التسمية والتكنية وابتداء استعمالها ورواجها.
اترك رداً