حدود فدك الرمزية في كلام ثقة الإسلام الكليني في الكافي الشّيخ الكُليني في الكافي الشّريف.

روي عن عليّ بن مُحمّد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا ـ أظنّه السيّاري ـ عن عليّ بن أسباط، قال: لمّا ورد أبو الحسن موسى (عليه السلام) على المهدي(1) رآه يردّ المظالم، فقال: يا أمير المؤمنين، ما بال مظلمتنا لا تُردّ؟ فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى لمّا فتح على نبيّه (صلى الله عليه وآله) فدكاً وما والاها لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل الله على نبيّه (صلى الله عليه وآله): {وَآتِ ذَا القُربى حَقَّهُ} (2) فلم يدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هم. فراجع في ذلك جبرئيل، وراجع جبرئيل (عليه السلام) ربّه، فأوحى الله إليه أن إدفع فدكاً إلى فاطمة (عليها السلام). فدعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها: يا فاطمة، إنّ الله أمرني أن أدفع إليك فدكاً. فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك. فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلمّا ولّي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها! فأتته فسألته أن يردّها عليها، فقال لها: أتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك! فجاءت بأمير المؤمنين (عليه السلام) واُمّ أيمن، فشهدا لها، فكتب لها بترك التّعرّض، فخرجت والكتاب معها. فلقيها عمر، فقال: ما هذا معك يا بنت مُحمّد؟ قالت: كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة. قال: أرينيه. فأبت، فانتزعه من يدها ونظر
ـــــــــــــــــــــــ
(1) هو مُحمّد بن عبد الله بن مُحمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس، ثالث سلاطين بني العبّاس.
(2) الإسراء: 26.
الصفحة 42
فيه، ثمّ تفل فيه ومحاه وخرقه! فقال لها: هذا لم يوجف عليه أبوك بخيل ولا ركاب! فضعي الحبال(1) في رقابنا. فقال له المهديّ: يا أبا الحسن، حدّها لي. فقال: حدّ منها جبل اُُحد(2)، وحدّ منها عريش مصر(3)، وحدّ منها سيف البحر(4)، وحدّ منها دومة الجندل(5). فقال له: كُلّ هذا؟! قال: نعم، يا أمير المؤمنين هذا كلّه، إنّ هذا كلّه ممّا لم يوجف على أهله رسول الله بخيل ولا ركاب. فقال: كثير! وأنظر فيه. (6)
1) مُراده منها التّعجيز أو التّفريع على المحال. وفي بعض النّسخ «بالجيم» أي إن قدرت على وضع الجبال على رقابنا جزاءً لما فعلنا فضعي، ويحتمل أن يكون كناية عن ثقل الآثام والأوزار. واستظهر بعض أساتذتنا أنّ مُراده كناية عن استملاكه واسترقاقه. وهذا ردّ على كتاب الله عزّ وجلّ.
(2) قال الطّريحي في مجمع البحرين: 3 / 6: اُحد، بضمّتين: جبل معروف على ظهر مدينة الرّسول وبقربه كانت الوقعة الّتي قتل فيها حمزة، عمّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وقبره هناك.
(3) العريش: كلّ ما يستظلّ به، والمُراد هنا: ابتداء بيوت مصر.
(4) سيف البحر: ساحل البحر.
(5) دومة الجندل: هي من أعمال المدينة، حصن على سبعة مراحل من دمشق، بينها وبين المدينة. قيل: هي في غلائظ من الأرض خمسة فراسخ، ومن قبل مغربه عين تثج فتسقي ما به من النّخل والزّرع وحصنها مارد، وسمّيت دومة الجندل لأنّها مبنيّة به، وهي قرب جبلي طيء. أُنظر مراصد الاطلاع: 2 / 542.
(6) الكافي: 1 / 543، عنه البحار: 48 / 156 ح 29، والبّرهان: 2 / 414ح1.
اترك رداً