جهاد الزهراء (عليها السلام)

img


وقد اشتركت فاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) في الجهاد في سبيل الله بالمعنى الأعم، أي الجهاد الذي كان عليها، مثل الجهاد في الشعب، حيث حصر المشركون الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهله في شعب أبي طالب (رضي الله عنه) ثلاث سنوات، وكان ذلك من أعظم الجهاد، وكانت تلفحهم الشمس نهاراً ويؤذيهم البرد ليلاً.

الهجرة المباركة
واشتركت فاطمة الزهراء (عليها السلام) أيضاً في الهجرة بأتعابها المعروفة، فقد هاجرت من مكّة المكرمة إلى المدينة المنوّرة.
وقد ورد في قصة الهجرة النبوية: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لعلي أمير المؤمنين (عليه السلام): (ثم إني استخلفك على فاطمة ابنتي ومستخلف ربي عليكما، وأمره أن يبتاع رواحل له وللفواطم ومن يهاجر معه من بني هاشم، وقال لعلي: إذا أبرمت ما أمرتك به فكن على أهبة الهجرة إلى الله ورسوله وسر إليّ لقدوم كتابي عليك..
وانطلق رسول الله (صلى الله عليه وآله) يؤم المدينة… فنزل بقبا وأرادوه على الدخول إلى المدينة فقال: ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن عمي وابنتي يعني علياً وفاطمة..
وكتب النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام) يأمره بالتوجه إليه، فلما وصله الكتاب تهيأ للخروج والهجرة وخرج بالفواطم: فاطمة بنت محمد(صلى الله عليه وآله)، وفاطمة بنت أسد أمه، وفاطمة بنت الزبير بن عبد المطلب، وخرج معه ايمن بن أم ايمن مولى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وجماعة من ضعفاء المؤمنين، ولحقهم جماعة من قريش فقتل (عليه السلام) منهم فارساً وعادوا عنه…) القصة (1).

حجة الوداع
وشاركت فاطمة الزهراء(عليها السلام) مع أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع، وكانت معه، في تلك السفرة (2).

غزوة أحد
وساهمت (عليها السلام) أيضاً في قصة أحد، كما هو معروف، حينما جاءت إلى جسد عمّها حمزة (عليه السلام) الذي قتل في أحد(3).

يوم الغدير
وكذلك ساهمت (عليها السلام) في قصّة الغدير، حيث كانت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)

في غدير خم.
وكلما ذكرناه جهاد بالمعنى الأعم كما لا يخفى.

خطبة المسجد
وهكذا خطبت (عليها السلام) في المسجد، وكانت الخطابة أمام الظالمين جهاداً كبيراً، حيث دافعت عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) وتحملت ما تحملت حتى اُسقط جنينها واُنبت المسمار في صدرها، وكسر جنبها، وسوّد وجهها من اللطم، وصار في عضدها كمثل الدملج من اثر السياط، وبقيت الآثار إلى يوم شهادتها (صلوات الله عليها)(4).

خطبة الدار
وخطبت (عليها السلام) في رجال المهاجرين والأنصار الذين زاروها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قصة مشهورة، وكانت الخطبة جهادية، وكذلك خطبت في نساء المهاجرين والأنصار لما زاروها في مرضها الذي توفّيت فيه شهيدة مظلومة.

الجهاد بالبكاء
وكذلك جاهدت في بكائها (عليها السلام) ليل نهار في فراق رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وكان قصدها من هذا الجهاد ان تفضح الذين آذوها، وغصبوا حقّ بعلها، وارتقوا منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغير حق.

المسيرة الجهادية
وجاهدت (عليها السلام) أيضاً حينما كانت تذهب في بعض الأيام إلى قبر عمها حمزة (عليه السلام) مع كسر ضلعها ومرضها حتى تعلن للناس أنها ساخطة.
وجاهدت (عليها السلام) أيضاً في ذهابها إلى أقصى البقيع تحت ظلّ شجرة تندب أباها (صلى الله عليه وآله) ، ثم في بيت الأحزان المشهور الذي بناه أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) ظلاً لها عن الشمس..
لكن الذين آذوها أرسلوا من قطع الشجرة وهدم ذلك البيت في قصّة معروفة.

إخفاء قبرها
ثم إنها (عليها السلام) استخدمت الجهاد السلبي مع أعدائها أيضاً ، حيث وصت بإخفاء قبرها بعد موتها، وقد بقي قبرها مخفياً إلى هذا اليوم، حتّى يظهر صاحب الزمان (عليه الصلاة والسلام) ويكشف عن هذه الحقيقة..
لكن من الواضح أن بعد ظهور الإمام المهدي (عليه السلام) تعود الزهراء(عليها السلام) إلى الحياة، كما يعود الرسول وعلي والحسن والحسين وسائر الأئمة (عليهم السلام) على ما دلّت على ذلك روايات الرجعة، وانّما يعرف الناس أن قبرها (عليها الصلاة والسلام) كان في مكان كذا قبل ابتعاثها في أيام الرجعة.
وقد ورد في تفسير علي بن إبراهيم القمي: (سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عن قوله (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)(5) فقال: ما يقول الناس فيها؟
قلت يقولون: إنها في القيامة.
فقال أبو عبد الله: يحشر الله في يوم القيامة من كل أمة فوجاً ويذر الباقين؟ إن ذلك في الرجعة، فأما آية القيامة فهذه: (وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفّاً) إلى قوله (مَوْعِداً ) (6))(7).
وفي حديث آخر عنه (عليه السلام) قال: (وقوله (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا))(8) وهو في الرجعة إذا رجع رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام))(9).

1ـ كشف الغمة: ج1 ص405 ـ 406.
2ـ للتفصيل عن حجة الوداع راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم) ج2.
3ـ للتفصيل عن غزوة احد راجع كتاب (ولأول مرة في تاريخ العالم).
4ـ راجع كتاب سليم بن قيس: ص84 وص134.
5ـ سورة النمل: 83.
6ـ سورة غافر: 51.
7ـ تفسير القمي: ج2 ص36 سورة الكهف.
8ـ سورة غافر: 51.
9ـ تفسير القمي: ج2 ص258 سورة المؤمن.

الكاتب ya fatima

ya fatima

مواضيع متعلقة

اترك رداً