بيانٌ مهمٌ جداً للمرجع الكبير الروحاني ( دام ظله ) بمناسبة عيد الولاية
24-11-2010, 08:44 PM
بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحِيمِ
” اللهمَّ لكَ الحَمْدُ على نِعْمَتِكَ عَلَيْنَا بالذّي هَدَيْتَنَا إلى مُوالاةِ وُلاةِ أمْرِكَ مِن بَعْدِ نَبِيِّكَ ، والأئِمَةِ الهَادِينَ الذينَ جَعَلْتَهُم أرْكَاناً لتوحيدكَ ، وَكَمَالَ دِينكَ ، وَتمامَ نِعْمتكَ ، وَمَن بِهم وَبموالاتهم رَضِيتَ لنا الإسلامَ دِيناً ، رَّبنَا فلكَ الحَمْدُ ، آمنَا بِكَ وَصَّدَقْنَا بِنَبيكَ الرَسُولِ النَذيرِ المُنذِر ِ، وَاتَبعْنَا الهُدَاةَ مِن بَعدِهِ ، وَوالينَا وَلِيّهُمْ وَعَادينَا عَدَّوهُم ، وَبرئنا مِن الجَاحِدينَ والنَاكِثينَ والمُكذِّبينَ إلى يَوْمِ الدِين” .
أبْنَائيَ المُؤمنِينَ وبناتيَ المُؤمناتِ في جَميعِ العَالمِ :
أُبارِكُ لَكُم جميعاً ذِكرَى عِيدِ الإسْلامِ الأعْظَم ” عيدِ الغَدِيرِ الأَغَر ” ، وَأَسْألُ اللهَ تعالى أَنْ يُعيدَهَا عليكمْ وأنْتُم جَمِيعَاً مُنَعَّمُونَ بِنَعيمِ جَنَّةِ خَاتِمِ الولايَةِ الكُبرى ، وهَانِئونَ بالنَظَرِ إِلى جَمَالِ شَمْسِ طَلعتِهِ البَهيّةِ .
أبْنَائي وَبَنَاتي : لقدْ استفاضَتْ روايَاتُ المَعصُومينَ ( علَيهمُ السَلامُ ) بِبيانِ الكَثيرِ مِن التَعالِيمِ الدِينيةِ التي يَنبَغيْ القِيَامُ بِهَا في يَوْمِ عِيدِ الغَدِيرِ – كَالتَزيُّنِ وَالصِيامِ وإِطعَامِ المُؤمنينَ وزِيارَتِهمْ وَنَحوِ ذَلكَ – وَمَا ذلِكَ إلا لأجْلِ إِلْفاتِ الأنْظَارِ إلى أهمّيةِ الاهْتِمَامِ بِهذا العِيدِ المُبَاركِ الذَّي هُوَ عِنْدَ اللهِ تَعالى أَشْرَفُ الأعْيَادِ وأَعظَمُهَا ؛ باعتِبارِهِ اليومَ الذَّي أكْمَلَ اللهُ تعالى فيهِ دِينَهُ ، وأتمَّ بِهِ نِعْمَتَهُ ، بِإعلانِ إِمَامَةِ أميرِ المُؤمنينَ ( عَليهِ السَلامُ ) إِعلانَاً عَامَاً لِجميعِ المُسلِمَاتِ والمُسلمينَ .
ومّمَا يجْدرُ ذِكرُهُ : أنَّ إِعلانَ الإمامَةِ الإلَهيةِ كانَ مُقترِنَاً بِالكَثيرِ مِن المُخطَطَاتِ الإرهَابيةِ التي كانَ يُخطِطُ لها أَعدَاءُ اللهِ تعالى ، وقَد أوْمأَ إليها القُرآنُ الكَرِيمُ في قولهِ تَبَاركَ وتَعالى : ﴿ يا أيُّهَا الرَسولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إليكَ مِن رَّبِكَ وإِنْ لَمْ تَفْعَل فمَا بَلَّغتَ رِسالتَهُ واللهُ يَعصِمُكَ مِن النَاسِ ﴾ إلا أنَّ النبيَ الأعظمَ ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ ) لَمْ يعْبأ بشيءٍ مِن تلكَ التَهدِيداتِ التي كانتْ تَكتَنِفُ حيَاتَه الشرِيفةَ ، ومضَى في تبليغِ ولايةِ أميرِ المؤمنينَ ( عليهِ السَلامُ ) وإعلانِهَا لِلعَالمِ كُلِّهِ ، وهَذا يَعنِي أنَّ النبيَ الأَعْظَمَ ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ ) قد فدَى الإمامةَ الإلهيةَ بنفسهِ المُقدَّسةَ ، وفي ذلكَ مِنَ الدلالةِ على أهميتِهَا مَا لا يَخفَى .
والدَرسُ المُهِمُ الذّي نتعلَمُهُ مِن ذَلِكَ : أنَّ مَسألةَ الولايةِ والإمَامَةِ يَجِبُ أنْ تكونَ هيَ القضية المحورية التي تَدورُ عليهَا جَميعُ قضَايانَا ، فإنَنَا إذا كُنّا نعلمُ أنَّ نفسَ الرَسولِ الأعظمِ ( صلى اللهُ عليهِ وآلهِ ) هيَ أشْرَفُ النُفوسِ النَاطِقةِ على وَجْهِ الإطلاقِ ، ومَعَ ذلكَ بَذَلَهَا في سبيلِ تَركيزِ قضيةِ الإمامَةِ ، فهَذا يَعني أنَّ نُفوسنَا جميعاً – التي لا تُعادِلُ شيئاً في قِبالِ النَفْسِ المُحمَدية – ينبَغي تقدِيمُهَا فِدَاءً متَواضِعَاً في سَبيلِ الدِفَاعِ عَن حرِيمِ الولايةِ إذا استلزمَ الأمرُ ذَلكَ ، كمَا هوَ الحَالُ في مرحَلتِنَا الزَمنيةِ هذهِ ، حيثُ اختلطَت فيهِ الأصوات ، وترَاكَمَت فيهِ الظُلمَات ، وكَثُرتْ فيهِ الشُبهَات .
وهذا الذّي ذَكرنَاهُ يعني أنَّ مَبدَاَ الإمامةِ – علَى وِزَانِ مبدأِ التوحيدِ والنُبوةِ والمَعادِ – مَبدَأٌ لا يَقبلُ المُسَاوَمةَ ، ولَسنَا مُستعدينَ أنْ نتنازلَ عنهُ – مهمَا كلَّفَ الأمرُ – ولو بِمقدَارِ قيْدِ أنملةٍ ، وكُلُّ مَن تُسوِّلُ لهُ نفسُهُ الأمَّارةُ بِالسُوءِ أنْ يُساومَ على هذا المبدأِ بقليلٍ أو كثيرٍ – تحتَ مُسمى الوحدَةِ الإسلاميةِ أو غيرهِ من المُسمياتِ التي أُسيءَ استخدامُها – فليَبحَث لهُ عن أيِّ مذهبٍ آخر ينتمي لَهُ ؛ لأنَّ مَذْهبَنَا الحقَ – على مَرِّ العصورِ – مذهبٌ لا يقبلُ التنازلَ والمُساومَات .
والأملُ معقودٌ بأبنائِنا وبناتِنَا أنْ يكونوا سَدَّاً منيعاً أمامَ تنازلاتِ هؤلاءِ المنهزمينَ ، ودرعاً واقياً يصونُ حريمَ الولايةِ عن إِثاراتِ هؤلاءِ المُنحرفينَ ، ولو كلّفَهُم ذلكَ الغاليَ مِن نفوسِهم والنفيسَ مِن أموالِهم .
وفي الخِتامِ نرفعُ أيدي الضَراعةِ إلى اللهِ تعالى قائلينَ :”رَبنَّا آمنا بِكَ ، ووفينَا بعَهدِكَ ، وصَدَّقنَا رُسلكَ ، واتَبَعنَا وُلاةَ الأمرِ مِن بعدِ أنبيائِكَ ، ورَضِينا بهم أئمةً وسَادةً وقَادةً ، لا نبتغي بهم بدَلاً ولا نتخذ مِن دُونِهم ولائجَ أبداً ، ربَّنَا فأحيِنَا ما أحييتَنَا على مُوالاتِهم ، والبراءةِ مِن أعدائِهم ، والتَسليمِ لهم والرَّدِ إليهم ، وتَوَفنَا إذا توفيتنَا على الوَفاءِ لكَ ولهم بالعَهدِ والميثاقِ ، غيرَ جَاحدينَ ولا ناكثينَ ولا مُكذبينَ ، اللهمَّ إني أسألكَ بالحَقِ الذَّي جعلتَهُ عندَهُم ، أنْ تُبَارِكَ لنا يومَنَا هذا الذي أكرمتنَا فيهِ بالوفاءِ لعهدكَ ، وارزقنا نَصْرَ دِينكَ معَ وليٍ هَادٍ من أهلِ بيتِ نبيكَ ، قائماً رشيداً هادياً مهدياً ، واجعلنا تحتَ رايتهِ وفي زُمرتهِ شهداءَ صادقينَ ، مقتولينَ في سَبِيلكَ وعلى نُصرةِ دِينكَ ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ” .
مُحَمَّد صَادِق الحُسَينِي الرَوحَانِي
الختم الشريف
اترك رداً