الحقـــــــــيقة الفاطــــــــــــمية

.
السيد : يوسف العاملي.
فاطمة الزهراء عليها السلام خلقها ومكانتها وسرها غيب في الغيوب التصديق به يوجب القرب المفرط الإلهي ،فالإيمان هو أن تؤمن بأمور لا يصدقها الجميع وإلا فالجميع يؤمن بشروق الشمس من المشرق.
عندما تؤمن أن هناك شمس تشرق لا من الشرق ولا من الغرب فأنت تؤمن بالحقيقة التي استدارت بها كل الحقائق.بنيت جميع العقائد في الروحانية العالمية عبر التاريخ البشري حول تصورات أسطورية، فمثلا في المعتقد المجوسي يقال أن الله تفكر في نفسه فكان اله الشر واله الخير.
يصعب علينا فهم الحقائق الحقة الالهية لأن خلقنا الذي تم عبر وسائط ، غارق في التشبيه أو التعطيل، فلمس الحقائق الإلهية كما هي موضوعة هو ضرب من الجنون يتوهمه الكثير من المحققين .
إن الكلام عن حقيقة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام هو إيمان في حقيقة معتقدنا نحن الشيعة الإمامية الجعفرية.فهل إيماننا ومعتقدنا هذا، أسطوري ،أم يطابق الواقع الملموس الموضوعي ؟.
إن أصعب برهان عند الرياضي هو أن يبرهن على المسلمة الرياضية؟
فبالمسلمة الرياضية تركب القوانين الرياضية جميعها.بفاطمة الزهراء عليها السلام كانت جميع العقائد عقائد وكانت للروح معنى وكان للدين واقع؟.عندما يصبح العارف فاطميا يصبح شاربا من أم الحقائق كلها .
إن الموازنة بين الطريق العملي في السلوك والطريق البرهاني يجعل السالك يرى الأمور بعيون الحقائق ، فعين الحقيقة هو فاطمة الزهراء عليها السلام لأنها نفس كلية يعقل فيها العقل نفسه.إن زواج النفس الكلية بالعقل الكلي هو زواج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بفاطمة الزهراء سلام الله عليها .
فالمحافظة على الصلاة الوسطى فاطمة الزهراء سلام الله عليها هو نفسه المحافظة على جميع الصلوات ،ففي المحافظة على هذه الصلاة يحافظ السالك المحب الفاني على توازنه العرفاني المعرفي السلوكي في الصلة مع عين الحقيقة، فالذي يرى من عين الحقيقة يرى المدينة من أعلى الجبل .أصل الرياضيات هو العدد وأصل الكثرة هو العدد وأصل الوجود هو الفطرة .(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) .
(الروم:30).
الدين القيم هو أن تكون في دين الفطرة والفطرة هو أن تعرف مولاتنا الزهراء سلام الله عليها حق المعرفة .
الدين القيم هو الوجهة الإلهية الحقة يعني الحقيقة التي تغيب عن أكثرالناس .
فدين الفطرة وتمثلها في حقيقة سيدة نساء العالمين جعل عامة المسلمين يكفرون من يعتقدون بهذا
المعتقد الإلهي السليم لأنهم هم الأكثرية، فدين الكثرة لا يؤمن بدين الفطرة.إن محاصرة فاطمة الزهراء عليها السلام وخنق صوتها في أيام الفتنة الكبرى هو كفر بحقيقتها ، كفر أسس لدين العصبية القبلية والمذهبية والدينية في عالمنا .
فلو آمن الناس جميعا بأصل وجودهم لرجعوا إلى أصل اختلافهم.اختلف المسلمين اختلافا شديدا في دينهم لأن مرجعية اختلافهم أصبحت مرجعية غير فطرية فأصبح الاختلاف خلافا وأصبح (الدين ) سببا في الخلاف بدل أن يكون سببا في الوحدة؟.
اختلف المسلمين في دينهم لأنهم حاربوا أصل دينهم فاطمة الزهراء عليها السلام.عندما تخرب الطبيعة بالملوثات الصناعية تدخل الجراثيم والأمراض إلى كل الزراعات، فيصبح الأكل من الطبيعة سببا في المرض بدل أن يكون سببا في العلاج.
التصالح مع الذات هو معرفة أصل وجودنا أصل أصولنا أصل معارفنا.
لا يمكن مطلقا أن تؤمن غير الشيعة بمولاتا الزهراء عليها السلام فالذي يستهلك ولا يعرف إلا العسل الصناعي يصعب عليه معرفة أن هناك عسل طبيعي.فعندما تصبح الأذواق مغشوشة يصبح صعبا الزامها بحقيقة المذاق الذي يوجب الأكل الصحيح والصحة الجيدة؟.
في السقيفة أتى سامري أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فوجه المرتابون إلى عبادة العجل وها هو العجل يتحكم في كل شيء في أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا يمكننا أن نوجه قلب الأمة إلى أصل دينها الذي هو أصل اختلافها؟
إلا بعد أن يرتاب المرتابون ويفتن المفتونون وينقضي زمن الإعجاب هذا؟
كل مصائب الإنسان أتت من السقيفة حيث أعترض الانسان المحرض من طرف الشيطان على الفطرة الإلهية فأخرج أبناء أدم من جنة أدم (الولاية العلوية ) إلى جنة الشيطان شجرة الكثرة المستهلكة في حب الأنا.الإنسان الكوني الواعي يرى أن الإنسان المستهلك في حب أناه كالطفل اللاعب بلعبته غير أن لعبة الطفل الآدمي هي لعبة فطرية ولعبة هذا هي شيطانية ( الأنا).البعد والطيش هما حقيقة الشيطان؟
البعد عن الفطرة والطيش عنها هما أس مشاكل الإنسانية عبر العصور كلها؟
التسليم بعد التحقيق هو سعادة الموالي بمذهب أهل البيت عليهم السلام حيث أتضح له جليا أن مولاة أهل البيت عليهم السلام هو نفسه الأمر الذي رفضه الشيطان في أمر السجود لآدم فعبادة الشيطان هي نفسها الابتعاد عن ولاية الأطهار عليهم السلام أهل البيت عليهم السلام.
الشيطان في فعله وفي غوايته لابناء آدم يدرك حب الإنسان للتدين فالتدين هو أمر غريزي وفطري في أبناء أدم لذا هو جاء باسم الدين لكي يخرج باسم الدين الإنسان من فطرته فلو أدرك الإنسان فطرته لعلم بغواية الشيطان له ، فاستبصر ورجع.
أنت تقول له أعرف سيدة نساء العالمين عليها السلام ، فيرتاب ارتيابا كبيرا يظن أنك تدعوه كما يدعو المسيحي لعبادة أم المسيح العذراء عليها السلام؟
أكبر مصيبة في ديننا أنه أصبح الدين الإلهي الحقيقي هو دين الشيطان وأصبح دين الشيطان هو (دين الله) وكل هذا أتى من السقيفة حيث تسقف الفهم وطبعت الغواية وانقلب كل شيء.
الحقيقة الواقعة الحاضرة بالبساطة والقوة في وجودنا هي الأمر الوحيد الذي بوجودنا فيه نكفر به كفر جحود وليس كفر اعتقاد.
الشمس والهواء والماء كلها نعم مبسوطة في حياتنا فهل ندرك قيمة وجودها حقا ؟
وجود مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام هو فوق أن تتصوره عقولنا وأذهاننا، لذا فهو الحقيقة الواقعية الغائبة الحاضرة الظاهرة الباطنة في وجودنا.
الكلام عن حقيقة الزهراء سلام الله عليها يحتاج إلى شفاعة خاصة وإذن خاص ،وإلا فالإنسان المحب الفاطمي سوف يفسر الماء بالماء؟.
أصعب شيء أن تفسر وجود أمر بسيط وجوده فينا يسبق وجودنا نحن (المحبين) فيه؟
حياة الانسان العابد لله في العوالم تتشكل وتتلون ويتغيرطعمها ومذاقها بقدر تعرفه على النفس الكلية الكاملة في الجعل الإلهي .
لهذا نجد الشيعة عندما تزور مولاتنا فاطمة المعصومة عليها السلام في قم المقدسة تخاطبها في زيارتها ( السلام عليك، عرّف الله بيننا وبينكم في الجنّة).
الجنة هي معرفة من الله إلى أحبائه وهذا التعريف هو نفسه معرفة النفس الكلية الفاطمية.
كيف تعرف النفس الكلية في التعريف الإلهي ؟يقول سبحانه في محكم التنزيل (( ويدخلهم الجنة عرفها لهم)).
النفس الكلية هي نفس مخلوقة في الجنة من دخلها وقبلته كنفس جزئية في نظامها الكلي كان جزءا معرفا بالفطرة الفاطمية في الجنة ، فالدخول في الجنة يوجب التعرف على خصائصها وأهم خصائصها العصمة والكمال والطهارة.
هل يحتاج المريد المتحقق بمعرفة فاطمة عليها السلام الدخول للجنة أم الجنة من تحب أن تستضيف هذا المحب الفاني في حب فاطمة عليها السلام؟
كل من تكاملت صفاته الفطرية في حب فاطمة عليها السلام الجنة تطلبه كما تطلب فطرة الرضيع ثدي الأم؟
الصدق في المحبة والمحبة في حب فاطمة عليها السلام ترتب قوانين الوجود الساري كله .
فهذا الوجود الساري يشبه الماء الجاري من الأعلى للأسفل يظن الناظر له وهو ساقط من الأعلى أنه نفس الماء بينما الماء النازل في تغير لحظي في كل آن آن.
اللهم عرف بيننا وبين فاطمة في الجنة واجعل قلوبنا بها والهة فمن رضيت عنها المرضية سعد في الدارين وسعدت به الخلائق كلها.كل من يريد أن يعرف حقيقة الزهراء عليها السلام عن طريق التحقيق العلمي بدون أن يتحقق بحقيقتها عن طريق التحقق يضيع في متاهات المخالفين فيصبح ناكرا لولايتها التكوينية وحقيقة وجودها المقدس وهذا ما رأيناه عند (عالم) لبناني حطم بهذا الاعتقاد المليئ بالنفاق ومتابعة الأعداء الاف من اتبعوه فاصبحوا الات تتحرك كثيرا بدون أي فائدة في أرض الولاية الحقة.أن تؤسس للنفاق يكفي أن تنكر ولاية الزهراء عليها السلام التكوينية.
كل من أنكر ولاية الزهراء سلام الله عليها التكوينية هو خارج عن ملة التشيع ولم يشم رائحته قط.إذا قلت لمحبي هذا ال (عالم) إن اعتقاده خاطئ يقولون لك مباشرة نحن نؤمن بأفكاره وهنا كانت الطامة الكبرى، فالإيمان بأفكار رجل مخالف لمنهج أهل البيت عليهم السلام في حقيقته هو اتباع له في حقيقة روحه وهنا تسوء العاقبة لمتبعيه، فلو كان يعلم مالك الأشتر رضوان الله عليه أن السم في العسل لما أكله.العاطفة والطائفية والسياسة المبتدعة من أفكار المخالفين هي تعطيل للحركة المهدوية التي هي في جوهرها إظهار الولاية التكوينية لأهل البيت عليهم السلام في العالمين.
عندما تؤمن بأفكار رجل هو ضد الولاية التكوينية للزهراء سلام الله عليها وينكر الزيارة الجامعة ودعاء الندبة وزيارة عاشوراء فهذا تعطيل للحركة المهدوية في مجتمعاتنا، فقلب هذه الحركة هو إظهار كرامات أهل البيت عليهم السلام عن طريق الزيارة والانتظار والمحبة .التشيع ليس حركة سياسية تريد تحصيل الكثرة العددية لكي تقتحم بها الانتخابات المبتدعة في آخر الزمان إنه متابعة للمعصوم في أصل كرامته وأصل كرامة المعصوم هو ولايته التكوينية وإلا فسوف يصبح التشيع حركة سياسية فارغة من كل معنى.
إن من يريد أفراغ التشيع من محتواه الحقيقي هو أعدى أعداء الشيعة مطلقا.كل من يقترب من حركة المخالفين لمذهبنا الناكرين للولاية التكوينية فهو في مكر إلهي قد لا يراه وهو يمارس الموافقة والأخوة والتقية.
بقدر ما سوف تقول له أهرب من هؤلاء سوف يزداد تمسكه بهم لأن عقل السياسة المبتدعة دائما يريد الهروب من مواجهة الحقيقة التي في مواجهتها تكون في سياسة مريدة للحقيقة الإلهية.
لم أرتح في مزاجي الروحي إلا بعدما خاصمت اتباع هذا الرجل الناكر للولاية التكوينية لأهل البيت عليهم السلام ففي مخاصمتهم تكون قد تشيعت حقا وواقعا، فالذي ينكر جوهرك لا يجب عليك أن تؤمن بظاهره حتى وإن كان فيه حركة ناصرة لمذهبك.من قبلته الصديقة الطاهرة المطهرة الزكية المحدثة البتول كوثر الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم فهو ذو حظ عظيم ووجاهة محترمة ومطاعة بإذن الله ،في السماء والأرض بل في كل عوالم الوجود برمتها.في مولاتنا الزهراء سلام الله عليها سر كبيروعظيم وخفي وأخفى .
فهي بضعة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وزوجة الوصي الأعظم مولانا علي بن أبي طالب عليه السلام عليه السلام وأم السبطين الأمجدين الحسن والحسين عليهما السلام.
فسرها الكبير مع الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم.وسرها العظيم مع الوصي الأعظم علي بن أبي طالب عليه السلام، وسرها الخفي مع ولدها الحسن عليه السلام وسرها الأخفى مع مولانا الحسين عليه السلام سيد الشهداء .
إن الكلام عن مكنونات هذه الأسرار المودعة في سر مولاتنا الزهراء تجعل أركان الوجود تهتز سرورا وخشوعا.
في فاطمة الزهراء الكبرى يلتقي الغيب المغيب مع الشهادة الكبرى ، وفيها يتجلى الرب في وجه الكون فهي الطبيعة في عذريتها وهي الكون في مبدئه ومنتهاه ، وهي السماء في سقفها ورمزها وسرها، وهي الأرض في بركتها وأمانتها وخيرها، وهي الطيور في حريتها وجمالها وهي المياه الجارية في عذوبتها ودوامها.
فاطمة الزهراء ذلك المخلوق الذي لا يوصف ، المخلوق الذي كانت نسمة منها تحرك كل إدركاتنا ووعينا فلا ندري أهي فعلا زارت الدنيا أم أن خيالها هو الذي زار الدنيا ففعل في نفوسنا كل هذه المحبة.
فاطمة الزهراء هي أم الأسرار ومنبعها وإليها ترجع كل الأسرار وتلتقي في حضرة الغيب المشهود العالي السرمدي.
بفاطمة كلامي وعشقي وعرفاني وإدراكي ،فهي كل كلي وكل ما في كلي:
اترك رداً
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.